لما زاد أذى قريش للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة المكرمة، أمره الله تعالى أن يهاجر إلى المدينة المنورة تاركاً بذلك مكة المكرمة، فبدأ بتجهيز نفسه للهجرة، حيث أمر المسلمين الذين كانوا معه أن يهاجروا بشكل سريّ إلى المدينة المنورة، ووعدهم أنه سيلحق بهم عندما يأذن له ربه.
وكان أبو بكر الصديق قد جهّز نفسه ليرافقه في رحلته، وفي ليلة الهجرة أعدّ المشركون خطتهم التي كانت تتلخص في أن يأتي من كل قبيلة رجلٌ قويٌ ويضربون سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند خروجه من منزله ضربة رجلٍ واحد فيضيع دمه بين القبائل؛ لكنّ الله تعالى نجّى رسوله من كيدهم واستطاع النبي أن يخرج دون أن يروه، بعد أن افتداه علي بن أبي طالب ونام في فراشه، بينما اتّجه النبي وأبو بكر إلى غار ثور وبقي فيه لمدة من الزمن والمشركون يبحثون عنه في كل مكان، لكنّ الله سلمه ووصل إلى المدينة المنورة سالماً من أي أذى، وبدأ عليه الصلاة والسلام بتأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة. استقبال أهل المدينة للرسولعندما علم أهل المدينة أنّ النبي في طريقه إليهم، خرجوا جميعهم ينتظرونه في الحر الشديد، وما إن يشتد الحر ولا يبقى مكانٌ يستظلّون بظلّه يعودون إلى بيوتهم، وظلّوا على هذه الحال يخرجون كل يوم حتى وصل الرسول الكريم، وما إن وصل الرسول حتى صاح أهل المدينة بقدومه وضجت المدينة بالمسلمين الذين يشتاقون لرؤيته، حتى امتلأت الشوارع والأسطح بالنساء والرجال والأطفال، وحملوا الدفوف وسعف النخيل وخرجوا ينشدون بين يديه نشيد طلع البدر:
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداعوجب الشكر علينا
ما دعا لله داعٍأيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاعجئت شرفت المدينة
مرحبًا يا خير داعٍ.وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كلما عبر أمام أحد بيوت الأنصار يستقبلونه مرددين: (هلُّمَّ إلينا يا رسول الله، إلى العدد والعدة والمنعة)، ويأخذون بخطام ناقته وهو يرد عليهم: (دعوها فإنها مأمورة) فكل واحد من الأنصار كان يتمنّى أن يستضيف النبي في منزله، لكنّ النبي نزل في بيت أبي أيوب الأنصاري بعد أن بركت الناقة بالقرب من بيته.
يقول عبد الله بن سلام لما رأى النبي: (فلما تبينت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب)، فقد كان أول ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام). ِ
المقالات المتعلقة باستقبال أهل المدينة للرسول